Bhob_S5_Artwork

LATEST EPISODES

آخر الحلقات

لسنا وحيدات

Listen استمع

ضوء لا يشبهني

Listen استمع

بيوت العُمر

Listen استمع

لسنا وحيدات

Listen استمع

ضوء لا يشبهني

Listen استمع

بيوت العُمر

Listen استمع

الهروب من السودان

Listen استمع

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

اشترك في نشرتنا الالكترونية

YOU MAY ALSO LIKE

قد يعجبك أيضاً

معضلة باتمان

Listen استمع

محفور بحَلب

Listen استمع

رمضانا سوداني

Listen استمع

الفقد – الفراق، بين الصّدمة والتقبّل

Listen استمع

سوف تلعنكِ الملائكة

Listen استمع

سوبر داليا

Listen استمع

أنا أستحق طموحي

Listen استمع
Bhob_S5_Artwork

اتحاد الأوائل

يجمع نهى الحناوي، منتجة حلقة اليوم، رابط غير مألوف مع صديقتها نسرين: كلتاهما اعتادتا منذ الطفولة السعي وراء المرتبة الأولى، وهو ما بدأ في سنوات الدراسة واستمر بأشكال مختلفة في مراحل الحياة اللاحقة، وأصبح مجلب دائم لجلد النفس وعدم الرضا عنها. تغوص نهى مع نسرين في جذور سعيهما للريادة، والطرق التي قادتهما لقدر أقرب من الحب غير المشروط للذات.

برنامج بحب من إنتاج شبكة كيرنينج كلتشرز.حلقة اليوم من إعداد نهى الحناوي، دعم تحريري من نادين شاكر، مديرة التحرير هبة عفيفي، محررة ومقدمة البرنامج شهد بني عودة. التصميم الصوتي لفادي جرس.

يمكنكم دعم هذا البرنامج عبر patreon.com/kerningcultures بمبلغ يبدأ من دولار واحد في الشهر.

(إعلان)

(تتر بحب)

مرحبا، فحلقة اليوم من بحب رح تكون عبارة عن استكشاف لجملة يمكن كثير من الناس سمعها فطفولتو، لازم تدرس أو تدرسي عشان تطلع الأول أو لازم تكوني أحسن وحدة بالصف. يمكن مرقت هاي الجملة على كثير منا صح، بس مش شرط نكون كلنا عطيناها نفس الاهتمام.

بالنسبة لنهى الحناوي معدة حلقتنا اليوم وصديقتها نسرين، كان السعي وراء الكمال والمرتبة الأولى هاجس استمر معهم طوال حياتهم، فحقلة اليوم تستكشف نهى جذور وتداعيات السعي وراء الكمال والريادة ورحلتها ورحلة صديقتها نسرين لحب الذات والتسامح معها أكثر

نسرين: أنا ذكرياتي كلها في المدرسة الحقيقة ترتبط أكتر بأنا طلعت الأولى ولا كنت بعيّط عشان مطلعتش الأولى، ف أنا أتذكر إن.. يعني اللقطات اللي أنا فاكراها كويس مثلًا واحدة منهم تقريبًا كنت في تالتة أو في رابعة ابتدائي وإن أنا… كنت بلبس نضارة وأنا صغيرة، إن أنا موطية راسي على الديسك وبعيّط والنضارة مشبّرة، عشان انا نقصت نص درجة في امتحان مش فاكراه طبعًا، وإزاي المدرّس كان كل شوية يعدّي يقولي هو فيه ايه! إيه العبط دا! دي نص درجة أو درجة. 

نهى: دي نسرين بشير عمرها حوالي41 سنة، بتشتغل أستاذة في قسم للغة العربية في جامعة أسترالية. صديقتي من أكتر من 10 سنين لكن عمق العلاقة يوحي العلاقة أطول، تشابه في كلاكيع الطفولة  

نسرين: والمضحك بقى في الموضوع أو الغريب أكتر منه مضحك إن أنا مش فاكرة إن أنا كنت ببقى مبسوطة، يعني لحظات الفرح بإن أنا طلعت الأولى أو جبت درجة كويسة لا تتعدى إن انا معايا شهادة ووريتها لماما أو بابا وقالوا برافو عليكي، لكن مفيش احساس زائد بالزهو أو الفخر، ف دا معناه بالنسبالي أو أنا بفسره إن أنا الألم بتاع إن أنا مش الأولى أو إن أنا مجبتش الدرجة النهائية كان أصعب أو أتقل من الحماس لإن أنا جبت درجة كويسة أو طلعت الأولى.

نهى: الحقيقة تجربة نسرين بتمسّ عندي وتر حساس جدًا، أنا كمان من ضحايا عقدة الأولى بكل ما تسببه من جلد دائم للذات وعدم رضا عنها والرغبة الدائمة في توبيخ النفس من أجل تحقيق التميز، عبء تقيل جدًا الحقيقة. لسة فاكرة مواقف في حياتي كطفلة ومراهقة شعرت فيها بالألم الشديد وخيبة الألم لأني مثلًا مطلعتش من الأوائل على الجمهورية ولا المحافظة في الابتدائية، ولأن مجموعي في الثانوية العامة مأهلنيش للظهور في حلقة تكريم الأوائل من برنامج أماني وأغاني. 

في الحقيقة، مأساتي لا تختلف كثيرًا عن مأساة نسرين، يمكن تكون حتى صورة مطابقة ليها. كنت دايمًا بعتقد إن استمرار العقدة دي مع أمثالي وأمثالها بعد انتهاء سنوات الدراسة هو مجرد تجسيد لأزمة الانسان الحديث اللي أصبح بيعرّف نفسه من خلال عمله وانتاجيته، بالتالي علاقته بنفسه أصبحت شديدة الاضطراب لأنه دايمًا بيسعى لتحقيق المزيد بغض النظر عن اللي حققه أو أنجزه. يمكن دا يكون الاطار العام او الأوسع للمشكلة، لكن كان دايمًا عندي سؤال، مش ممكن يكون فيه مكوّن خاص جدًا هو اللي أثر في تجربتي؟!

وبصراحة، في وسط كل دا، كان اكتر حاجة مسيطرة على ذهني إزاي إن أنا أحمي ابني ابراهيم اللي عنده 7 سنين من الوقوع في نفس الفخ والتعايش مع نفس الألم، عايزة أضمنله علاقة أكثر سلاسة مع نفسه ودرجة أعلى من حب الذات بمعناه الايجابي. وكان عشان أعرف ازاي ممكن معيدش انتاج نفس النموذج التعيس دا معاه كان لازم أعرف ايه اللي حصل معايا وأنا طفلة، ويبدو إن أمي كان معاها كل مفاتيح الموضوع من أول وأنا بس اللي مكنتش واخدة بالي.

مداخلة..

نهى: فاكرة أيام ما أنا كنت في المدرسة؟ 

مامتها: آه طبعًا فاكرة.

نهى: فاكرة ايه؟

مامتها: فاكرة إنك انت كنت غاية، يعني مدمنة مذاكرة، بتفضلي المذاكرة عن أي فسحة أو أي خروج.

نهى: فاكرة ايام النتيجة لما كنا مستنيين النتيجة؟

مامتها: آه لأ طبعًا دي كانت مأساة لأنه كنا بنخاف نشوف النتيجة لأن انت كنتي على طول الاولى ودا كان بيشدّك جامد، ف كنا بنخاف لمتطلعيش الاولى ف كانت تبقى مأساة بالنسبالنا. 

…نهى: بتبقى ليه مأساة يوم النتيجة يعني؟ افتكري

مامتها: لأن لو جبتي نمر مش عاجباكي، نمرة أو نص نمرة أو ربع نمرة، العياط عياط لدرجة إن دموعك بتحرق وشك، أنا فاكرة، ويوم ما تخرجتي كنت عايزة تطلعي الأولى عالجامعة كلها مش عالكلية. 

نهى: طب انت كنت بتعملي ايه عشان ان مبقاش انا حاسة بالضغط دا؟

مامتها: كنت دايمًا أتكلم معاكي وأقولك ما هو لازم مرة كدة ومرة كدة، التانية أو التالتة مش… يعني مش وحش، دة بيبقى كويس وكدة، تقوليلي لأ أنا عايزة أطلع الأولى، وكان أمنية حياتك في الثانوية العامة تطلعي من ال 10 الأوائل عالجمهورية، ف عشان كدة كنا بنخاف نسأل ع النتيجة.

مداخلة….

نهى: بعد تحطم أمالي في إني أطلع من الاوائل عالجمهورية في الثانوية العامة وأظهر في برنامج أماني وأغاني أعتقد إني أصبح عندي بعض التصالح مع اني ممكن مبقاش الاولى، دخلت الكلية اللي انا كنت عايزاها صحافة في الجامعة الأمريكية، وأثناء السنوات ال 4 ليا في الجامعة حدة عقدة الاولى دي بدأت تخفّ بعض الشيء، لأني كنت مشغولة أكتر بإيه اللي ممكن اتعلمه في المكان دا، ويمكن كمان الموضوع يكونله علاقة بإني كنت مستمتعة جدًا بالمحتوى اللي أنا بدرسه.

بس في نفس الوقت برضو كنت غير متقبلة إني أجيب أي تقدير أقل من امتياز، يعني A,A-  بالكتير قوي، إنما B+ دي كانت تعمل مشاكل كبيرة.

نهى: نسرين برضه واجهت حقيقة انها لا يمكن تكون دايما الأولى بعد لما دخلت الجامعة لكن الكشف ده كان له بعد وجودي غاية في الأهمية 

نسرين: أول احتكاك ليّا بإن أنا مش الأولى الحقيقة كان في الجامعة، يعني لغاية ثانوي أنا كنت دايمًا من الشاطرين، وجبت… يعني كنت مدارس حكومة، جبت تقدير يدخلني ألسن ودخلت ألسن، دخلتي ألسن ف كل الناس مجموعها فوق ال 95 ف يُعتبر الكل شاطر، ف انت كأنك بتعيدي بتسفرّي العداد من أول وإحنا حنبتدي بقى كلنا، آدي كلنا 95%، مين بقى الشاطر في ال 95؟ 

الصدمة بتاعت إن أنا مش الأولى في الجامعة، الغريب بقى في الموضوع ان هي كانت مرتبطة بشكلٍ ما بأخويا، لأن انا كنت ناحية ألسن وهو أخويا كان في أداب تاريخ، ف في جامعة عين شمس هما بتعدّي الشارع، ف الناحية التانية أداب تاريخ هو واقف ومبسوط وصحابه معارف وبنات وهو دمه خفيف جدًا، ف عايش حياته، وأنا الناحية التانية، تفكيري بيقولي إنت ولا الأولى ولا الحلوة ولا عندك… مفيش، يعني طبعًا جزء منها إن أنا برضو من قلة الخبرة إن أنا مثلًا مصاحبتش أيام الجامعة ومحبتش حد ولا حد حبّني أيام الجامعة خالص. ف ابتدى السؤال اللي هو طيب انت لو مش الاولى انت مين؟

يعني احساس بال.. ان فيه حاجة اتشالت ومحلش محلها شيء تاني ليه معنى، اتشال المركز الأساسي اللي كان في شخصيتي للثقة بالنفس.

نهى: تفتكري يا نسرين ايه السبب اللي بيخلي فكرة زي دي تتكرس في مخنا كأطفال أو في مخ بعضنا يعني، طبعًا مش كلنا، في ناس ربنا يعني بيعفي عنها وما بتمرّش بالتجربة دي، بس ايه السبب اللي ممكن بيكون بيكرّس الفكرة دي في أذهاننا من واحنا صغيرين؟

نسرين: يعني فيه ثقافة، يعني ثقافة إن الانسان يبقى شاطر ومجتهد ويعمل الواجب وخلص واجبك برافو عليك! غير طبعًا الواحد لمّا كبر وابتدى يحتك بثقافات تانية تلاقي إن فيه تركيز على آه خلّص واجبك بس عشان عندنا تمرين كورة، أو فيه سباحة، أو عندنا تمرين موسيقى، فيه حاجات تانية في الدنيا عشان كدة إحنا بنخلص الواجب، ف جزء منها طبعًا ثقافي، الجزء الثاني يعني يرتبط بعيلتي أنا، إن إحنا كان فيه تركيز على إنه والله آخ خلّص واجبك وشاطر وبرافو بشكل عام. 

أنا ليّا أخ واحد أكبر مني، بالمعايير بتاعتنا في مصر أنا أشطر منه، ف من العلاقة في البيت، مركزي في البيت أو لحظات الاهتمام سواء كانت زايدة أو الاهتمام بحنان أو اطراء أو ثناء عليها كان بسبب… يعني مصدره إن أنا كنت ببقى شاطرة.

 الحاجة التانية في العيلة، على مستوى العيلة أنا مقارنة بولاد خالتي الولاد أو البنات برضو بالنسبالهم الأولى أو التانية، جنبها أنا برضو مقارنةً ببنات خالتي مكنتش أحلى واحدة بالمعايير بتاعت مصر زمان،  فأنا سمرة، شعري اللي هو يُعتبر مكتكت، اللي هو دلوقتي بيتقال عليه curly من القلاطة لكن هو زمان كان بيتقال عليه مكتكت، ولابسة نضارة، من أولى ابتدائي لغاية لمّا دخلت الجامعة وعملت الليزك لابسة نضارة،

فكل الحاجات دي مش من معاييرها الحلاوة، ف لمّا بيجيلك اهتمام والاهتمام ملوش علاقة بالحلاوة ف انت بتقولي آه والله دة انا بعمل حاجة كويسة، ف ابتدت خلاص ارتبطت فكرة الهوية، إن أنا مين؟ إن أنا الأولى.

 اتخرجت من الجامعة ببكالوريوس صحافة واشتغلت على طول، هنا أصبح للعقدة تجليات جديدة، طبعًا نتيجة صعوبة تحديد ازاي أكون الأولى في عالم الصحافة تجلّت العقدة دي في صورة حرصي الشديد على الكمالية، مينفعش أكتب أي حاجة يكون فيها هفوة، مش غلطة، وهنا كانت دايمًا الكرابيج متحضرة، لو الموضوع اللي أنا بكتبه لا يرتقي لمستوى الكمال يبقى الكرباج لازم يشتغل، انت فاشلة، انت مش نافعة، ما تفكري تشوفيلك شغلانة تانية، الناس اللي شايفينك شاطرة قوي دول دا انت بتخدعيهم، دول معندهمش فكرة قد ايه انت خيبانة!

طبعًا ضغط نفسي غير عادي، وخوف من اني أنفرد بنفسي، بمعنى إن أنا لما بنفرد بنفسي في الاوقات دي ببهدلها، ف كنت دايمًا بحاول إن أنا منفردش بيها، لأني لو قعدت معاها حتُشعرني قد ايه أنا خذلتها. ضغط نفسي شديد ممكن بسهولة يؤدي لاكتئاب، اكتئاب كان له ارهاصاته قبل كدة.

نهى: انت فاكرة في تانية اعدادي؟

مامتها: آه طبعًا فاكرة..

نهى: ايه اللي حصل في تانية اعدادي؟

مامتها: تانية اعدادي من كتر ما انت مشدودة من المذاكرة، وكنت مش عايزة تنزلي عن المستوى دا، ف جالك شوية هزة نفسية كدة مش عايزة تذاكري، ساعات كنت تعيطي من غير حاجة، خايفة تروحي المدرسة، ف طبعًا أنا كانت حالتي كانت وحشة جدًا جدًا جدًا، مش عارفة كان ايه اللي جرالك، وبعدين قعدت أهدّي فيكي وبتاع، وخلاص ومش عارفة ايه، ولغاية ما ربنا الحمد لله عدّى المرحلة دي على خير يعني، لكن من كتر الضغط النفسي اللي انت عاملاه على نفسك وصلك لكدة.

نهى: كنت انت بتحسي بإيه ان أنا بطلع دايمًا الأولى؟ كانت بتفرق معاكي؟

مامتها: آه، كانت بتفرق.

نهى: بتفرق معاكي ازاي؟

مامتها: لأن أنا يعني مكملتش التعليم اللي كان في دماغي، ف كان امنية حياتي إن أنا أعلّم أولادي اللي أنا كان نفسي أتعلمه، ف كنت ببقى فرحانة جداً جدًا، بالرغم إن هو يعني انت بتبقي متضايقة عشان ناقصة نمرة ولا نمرة ونص، لكن أنا من جوايا ببقى سعيدة جدًا لإن كان كل همّي إنكو إنت وأخوكي تطلعوا من الاوائل على طول، وكنت لمّا بتطلعوا الاولى انت وأخوكي بعيّط من الفرحة، لأن اللي كنت عايزة اعمله شفته فيكو.

نهى: أنا كنت بحس ب ده، كنت بحس إن انت فرحانة، بس دا كان شوية بيحط عليا ضغط من غير ما تحسي إن عايزة أحافظ على نفس الحاجة، طول الوقت عايزة أحافظ على المركز الاول طول الوقت…

مامتها: أيوة، على قد ما أنا فرحت على قد ما كنت ندمانة.

نهى: كنت بتزقي بس مش بشكل مباشر.

مامتها: بزُّق، بس عارفة؟ زي الدب اللي بيقتل صاحبه، يعني دلوقتي بقول إن همّا، يعني انا حقاتل اللي كان نفسي أعمله بس همّا تعبوا..

نهى: الحقيقة أنا وأمي عمرنا ما تكلمنا في الموضوع دا قبل المرة دي، يمكن لو مكنتش عملت الحلقة دي مكنتش عرفت أي حاجة من اللي هي قالتهولي. لأول مرة اكتشف إن هي ليها اليد العليا في ترسيخ فكرة عقدة الاولى في ذهني، عمرها ما صرّحتلي بإنها كانت بتعوّض من خلالنا انا وأخويا اللي هي مقدرتش تحققه، وما أخدتش بالها ازاي حاجة زي كدة ممكن تسيب أثر طويل المدى. قررت في الآخر إني آخذ كل الكلام اللي هي قالتهولي وكل المشاعر اللي أنا بحس بيها وأحطها في ايد الشخص المتخصص اللي ممكن يقولي ايه اللي حصل معايا بالزبط وأنا صغيرة، وليه العقدة دي فضلت معايا.

(إعلان – بريك)

مكالمة هاتفية… عيادة دكتورة هبة حبيب، اتفضل.. تمام يا افندم، احنا مواعيد العيادة عندنا من الأحد للأربعاء، من 12 الظهر ل 8 بالليل، حضرتك تحب مواعيد صباحية ولا مسائية؟

حوار بين نهى ودكتورة هبة حبيب.

دكتورة هبة: دا مثال للحب المشروط اللي الطفل وصله إن أنا عشان مامتي تحبني لازم اطلع الاولى، لو طلعت التانية هي حتبطل تحبني، وطبعًا ان هي تبطل تحب طفل دا بالنسباله آخر الدنيا.

نهى: ودا بيستمر بقى..

دكتورة هبة: آه، مخلاص، بقت نظرتي لنفسي عشان أنا أبقى محبوبة من نفسي ومن الناس لازم أبقى أحسن واحدة، في كل حاجة، مهو احنا، أنا مش عارفة أحب نفسي غير من خلال حاجة، ف الحاجة دي بتبقى مصيرية بالنسبالي وحيوية، بس هي ما بتغذنيش عشان هي دايمًا ما بتبقاش كفاية، ف ببتدي أزودها، مهما نجحت انا مش حبقى ناجح كفاية، أنا عايز أنجح أكتر.

حوار بين ابراهيم ونهى..

دكتورة هبة: الطفل لمّا بيتولد بيبقى عنده أب وأم مفروض أو ناس بدلاء بيدّولوا فكرة عن نفسه من خلال تعاملهم معاه، أوك؟ ف لو هو بيتعامل مع أم بتعامله بحب هو حيشوف من خلال نظرتها ليه إنه هو كيان يتحب، ف لمّا هو يكون كيان يتحب هو حيسجل إنه هو شخص يتحب، ف يبتدي من هنا بذرة ال self love،

الفكرة بقى إنه فيه لو الحب اللي جاي من الاهل دا مش موجود، أو مشروط، أو غير موضوعي ممكن يعمللنا خلل في الشخصيات.

نهى: إذًا انا والأستاذة نسرين من ضحايا هذا الحب المشروط، بالتالي حبنا لذواتنا وقبولنا بيها مستحيل من غير ما نستوفي شرط التميز، طب نخرج ازاي من المعضلة دي؟ دا السؤال اللي بيفرض نفسه دلوقتي.

مداخلة…

نسرين: مش عارفة الحقيقة أحط ايدي على لحظة معينة حصلت فيها… نقطة تحول، يعني أحيانًا الواحد بتقابلي حد أو بتقري جملة وبعدين “آه والله الكلام دا مزبوط”، الموضوع حصل تدريجي، لأن كان مثلًا من ساعة ما ابتديت بشغلي وحياتي الاكاديمية، طبعًا كان حصل أكتر من ظرف عطّلني ولكن يبقى اللي مثلًا معطل انتاجيتي إن أنا في سعي للكمالية، ف أنا لمّا بقعد اشتغل على بحث أو بقرا مثلًا مقالة معينة بتاخد وقت أطول لأن أنا في ذهني المنتج دا لسة موصلش إلى الكمال، لو قدّمته يمكن يجيلي رد فعل مش المفروض يجي لواحدة أولى. 

ف طبعًا كل الكلام دا بيعطّل، ف لحظة الكشف كانت الحقيقة من سؤال أنا ليه مثلًا مش مستمتعة بالأبحاث، خصوصًا إن أنا اللي بختار الموضوع وأنا اللي بشتغل على الفكرة،  لحظة الكشف كانت في أنا ليه ابتديت أتعلم كلارينيت ووقفت! أو ليه أنا المفروض قلت لنفسي إن أنا مثلًا حروح ألعب رياضة، ليه لازم أروح 5 مرات في الأسبوع؟ يعني ايه المشكلة إن أنا أروح مرة أو أروح مرتين؟ ف كانت الحقيقة من اكتر جانب من … في حياتي، يعني في العادي كان فكرة الأولى بتبقى مرتبطة بالشغل أو مرتبطة بالدراسة، ابتدت القصة توسع إننا لقيت إن ليها أصداء في جوانب تانية من حياتي وإن دا مأثر سلبًا على استمتاعي بالدنيا.

نسرين بتعزف

نسرين: ابتدى بقى التحرر من فكرة الاولى دا من قراياتي في علم النفس وقراياتي في الفلسفة يعني أكتر شيء ابتدى يفتّح ذهني لإن فكرة الاولى دي مش لازم بالضرورة تبقى هوية ليا أو أنا شخصيتي إن أنا دا شيء صفة ليّا إن أنا الاولى، إن أصلًا مش لازم يبقى فيه توصيف للبنآدم، هو انسان عايش ويسعى إن هو يعيش بدون عناء. قيمة الاستمتاع دلوقتي بقت اعلى من قيمة إن انا هدفي إن أنا أطلع الاولى.

مداخلة…


نسرين: يعني أنا احساسي بنفسي دلوقتي كإن انا الطفلة بقى اللي كانت بتعيّط في سنة تالتة وسنة رابعة وأنا باصالها كدة بقولها “لا عادي على فكرة، مش لازم أبدًا، مش لازم أبدًا تطلعي الاولى ومش لازم أبدًا تجيبي، يعني محصلش أي حاجة انك جبتي 49 ونص من 50 في امتحان العربي”.

نهى: أنا حسألك سؤال، دلوقتي لمّا أقول مثلًا ابراهيم do or does his homework، حتبقى ايه؟

إبراهيم: انت قولتي ابراهيم ايه؟

نهى: do or does his homework؟ حبتقى ايه؟

إبراهيم: does 

نهى: صح، يبقى ابراهيم، قول الجملة على بعضها بقى..

إبراهيم: Ibrahim does his homework

نهى: في الحقيقة الانخفاض الملحوظ في حدة عقدة الاولى دة كان وثيق الصلة بتجربة الامومة في حالتي، ودا لأن تجربة الامومة بتقلل من التمحور حول الذات، بمعنى آخر الواحد بيبتدي يركز مع نفسه أقل من الأول، يعني الواحدة بتبقى أقصى طموحاتها إنها تنام 3 ساعات على بعض من غير ما أي حد أو أي حاجة تصحيها، أو حتى تاكل حاجة هي نفسها فيها من غير ما تفكر في الآثار السلبية للي بتاكله دا على الجنين أو الرضيع بعد كدة. والحمدلله إن عقدة الاولى ما انعكستش على رؤيتي لأمومتي، يعني الحمد لله معنديش هوس بإني آخد كأس العالم في الامومة ولا السعفة الذهبية للأم فوق العادية، بخوض التجربة بحلوها ومرّها من غير ما أحكم على نفسي كتير

لكن عقدة الاولى ما اختفتش بالكامل لا سمح الله، من حين لآخر بيبقى عندي نوبات، نوبات حادة جدًا، خصوصًا لمّا ألاقي حد عامل تقرير أو تحقيق مثير للإعجاب أو حد تلقى جايزة ما، يبتدي بقى الشريط اياه، انت عملتي ايه؟ انت ليه ما تحققيش حاجة زي كدة؟ انت فاشلة، انت مش نافعة، شوفيلك شغلانة تانية. لكن اللي أقدر أقوله إن الفاصل الزمني بين النوبات دي أصبح أطول، ومدة كل نوبة أصبحت أقصر، يمكن دا يكون لأني أصبحت على وعي أكبر بأصل المشكلة، ويمكن برضو يكون نتيجة إدراكي إن التمسك الشديد بالمركز الأول طول حياتي دا مجرد تعبير عن رغبة في الحصول على حب غير مشروط، سواء من أمي أو من ذاتي…

نهى: تفتكري ممكن اعمل كدة في ابراهيم؟ أخليه زي كدة، تفتكري؟

مامتها: لأ، لأ، لأن أنا حاسة إن أنا غلطت، يعني أنا حققت أمنيتي آه بس أنا غلطت، يعني بتصعبي عليا إذا كنت انت ولا أخوكي، لأنه لأ، أنا ابراهيم أو احفادي ما أحبش إنه كدة، عايزة يعيشوا سنهم ويعيشوا طفولتهم.

نهى: مش لازم يطلع الاول يعني؟

مامتها: لأ، لأ، لأ، أهم حاجة يبقى عنده ثقة في نفسه، وإنه هو يطلع التاني التالت بس يذاكر ويتحمل المسؤولية.

نهى: طب ولو طلع العاشر، مش التاني ولا التالت

مامتها: لا، العاشر تزعل، 5  الاوائل… إن لازم يعيش طفولته ويعيش سنه.

نهى: بس يطلع من 5 الاوائل..

مامتها: آه، بالوقت الحالي آه.

نهى: وبعد الكشف الكبير عن أصل المعضلة، أصبح شغلي الشاغل هو إني معرضش ابني لأي شكل من أشكال الحب المشروط، الحب المشروط اللي ممكن يفقده قدرته على التصالح مع ذاته وتقبلها بكل ما فيها من عيوب ومميزات، تقبل يقدر يمكنه من إنه يتقدم لقدام ويحسّن من نفسه وفي نفس الوقت يستمتع بحياته بدون أي نوبات تعاسة أو جلد للذات.

حوار مع ابراهيم….

هاي الحلقة من إعداد نهى الحناوي، شكرا كثير لنهى الحناوي ولضيفتها نسرين. وطبعا شكرا كثير لطاقم الفريق الرائع للدعم التحريري، نادين شاكر وهبة عفيفي مديرة التحرير، التصميم الصوتي لفادي جرس وأنا مقدمة ومحررة البرنامج شهد بني عودة.

طلب للمستمعين إذا حبيتو الحلقة شاركونا تقييمكم واتركولنا رأيكم، التقييم والرأي بيسهل الناس تلاقينا على منصات البودكاست. وإذا حبيتو الحلقة شاركوها مع الأحباب والأصدقاء وكل الناس.

ما تنسو تشتركو بالقناة وتتابعونا، لاقيكم بالحلقة المقبلة!

(تمت – إعلان)

(إعلان)

(تتر بحب)

مرحبا، فحلقة اليوم من بحب رح تكون عبارة عن استكشاف لجملة يمكن كثير من الناس سمعها فطفولتو، لازم تدرس أو تدرسي عشان تطلع الأول أو لازم تكوني أحسن وحدة بالصف. يمكن مرقت هاي الجملة على كثير منا صح، بس مش شرط نكون كلنا عطيناها نفس الاهتمام.

بالنسبة لنهى الحناوي معدة حلقتنا اليوم وصديقتها نسرين، كان السعي وراء الكمال والمرتبة الأولى هاجس استمر معهم طوال حياتهم، فحقلة اليوم تستكشف نهى جذور وتداعيات السعي وراء الكمال والريادة ورحلتها ورحلة صديقتها نسرين لحب الذات والتسامح معها أكثر

نسرين: أنا ذكرياتي كلها في المدرسة الحقيقة ترتبط أكتر بأنا طلعت الأولى ولا كنت بعيّط عشان مطلعتش الأولى، ف أنا أتذكر إن.. يعني اللقطات اللي أنا فاكراها كويس مثلًا واحدة منهم تقريبًا كنت في تالتة أو في رابعة ابتدائي وإن أنا… كنت بلبس نضارة وأنا صغيرة، إن أنا موطية راسي على الديسك وبعيّط والنضارة مشبّرة، عشان انا نقصت نص درجة في امتحان مش فاكراه طبعًا، وإزاي المدرّس كان كل شوية يعدّي يقولي هو فيه ايه! إيه العبط دا! دي نص درجة أو درجة. 

نهى: دي نسرين بشير عمرها حوالي41 سنة، بتشتغل أستاذة في قسم للغة العربية في جامعة أسترالية. صديقتي من أكتر من 10 سنين لكن عمق العلاقة يوحي العلاقة أطول، تشابه في كلاكيع الطفولة  

نسرين: والمضحك بقى في الموضوع أو الغريب أكتر منه مضحك إن أنا مش فاكرة إن أنا كنت ببقى مبسوطة، يعني لحظات الفرح بإن أنا طلعت الأولى أو جبت درجة كويسة لا تتعدى إن انا معايا شهادة ووريتها لماما أو بابا وقالوا برافو عليكي، لكن مفيش احساس زائد بالزهو أو الفخر، ف دا معناه بالنسبالي أو أنا بفسره إن أنا الألم بتاع إن أنا مش الأولى أو إن أنا مجبتش الدرجة النهائية كان أصعب أو أتقل من الحماس لإن أنا جبت درجة كويسة أو طلعت الأولى.

نهى: الحقيقة تجربة نسرين بتمسّ عندي وتر حساس جدًا، أنا كمان من ضحايا عقدة الأولى بكل ما تسببه من جلد دائم للذات وعدم رضا عنها والرغبة الدائمة في توبيخ النفس من أجل تحقيق التميز، عبء تقيل جدًا الحقيقة. لسة فاكرة مواقف في حياتي كطفلة ومراهقة شعرت فيها بالألم الشديد وخيبة الألم لأني مثلًا مطلعتش من الأوائل على الجمهورية ولا المحافظة في الابتدائية، ولأن مجموعي في الثانوية العامة مأهلنيش للظهور في حلقة تكريم الأوائل من برنامج أماني وأغاني. 

في الحقيقة، مأساتي لا تختلف كثيرًا عن مأساة نسرين، يمكن تكون حتى صورة مطابقة ليها. كنت دايمًا بعتقد إن استمرار العقدة دي مع أمثالي وأمثالها بعد انتهاء سنوات الدراسة هو مجرد تجسيد لأزمة الانسان الحديث اللي أصبح بيعرّف نفسه من خلال عمله وانتاجيته، بالتالي علاقته بنفسه أصبحت شديدة الاضطراب لأنه دايمًا بيسعى لتحقيق المزيد بغض النظر عن اللي حققه أو أنجزه. يمكن دا يكون الاطار العام او الأوسع للمشكلة، لكن كان دايمًا عندي سؤال، مش ممكن يكون فيه مكوّن خاص جدًا هو اللي أثر في تجربتي؟!

وبصراحة، في وسط كل دا، كان اكتر حاجة مسيطرة على ذهني إزاي إن أنا أحمي ابني ابراهيم اللي عنده 7 سنين من الوقوع في نفس الفخ والتعايش مع نفس الألم، عايزة أضمنله علاقة أكثر سلاسة مع نفسه ودرجة أعلى من حب الذات بمعناه الايجابي. وكان عشان أعرف ازاي ممكن معيدش انتاج نفس النموذج التعيس دا معاه كان لازم أعرف ايه اللي حصل معايا وأنا طفلة، ويبدو إن أمي كان معاها كل مفاتيح الموضوع من أول وأنا بس اللي مكنتش واخدة بالي.

مداخلة..

نهى: فاكرة أيام ما أنا كنت في المدرسة؟ 

مامتها: آه طبعًا فاكرة.

نهى: فاكرة ايه؟

مامتها: فاكرة إنك انت كنت غاية، يعني مدمنة مذاكرة، بتفضلي المذاكرة عن أي فسحة أو أي خروج.

نهى: فاكرة ايام النتيجة لما كنا مستنيين النتيجة؟

مامتها: آه لأ طبعًا دي كانت مأساة لأنه كنا بنخاف نشوف النتيجة لأن انت كنتي على طول الاولى ودا كان بيشدّك جامد، ف كنا بنخاف لمتطلعيش الاولى ف كانت تبقى مأساة بالنسبالنا. 

…نهى: بتبقى ليه مأساة يوم النتيجة يعني؟ افتكري

مامتها: لأن لو جبتي نمر مش عاجباكي، نمرة أو نص نمرة أو ربع نمرة، العياط عياط لدرجة إن دموعك بتحرق وشك، أنا فاكرة، ويوم ما تخرجتي كنت عايزة تطلعي الأولى عالجامعة كلها مش عالكلية. 

نهى: طب انت كنت بتعملي ايه عشان ان مبقاش انا حاسة بالضغط دا؟

مامتها: كنت دايمًا أتكلم معاكي وأقولك ما هو لازم مرة كدة ومرة كدة، التانية أو التالتة مش… يعني مش وحش، دة بيبقى كويس وكدة، تقوليلي لأ أنا عايزة أطلع الأولى، وكان أمنية حياتك في الثانوية العامة تطلعي من ال 10 الأوائل عالجمهورية، ف عشان كدة كنا بنخاف نسأل ع النتيجة.

مداخلة….

نهى: بعد تحطم أمالي في إني أطلع من الاوائل عالجمهورية في الثانوية العامة وأظهر في برنامج أماني وأغاني أعتقد إني أصبح عندي بعض التصالح مع اني ممكن مبقاش الاولى، دخلت الكلية اللي انا كنت عايزاها صحافة في الجامعة الأمريكية، وأثناء السنوات ال 4 ليا في الجامعة حدة عقدة الاولى دي بدأت تخفّ بعض الشيء، لأني كنت مشغولة أكتر بإيه اللي ممكن اتعلمه في المكان دا، ويمكن كمان الموضوع يكونله علاقة بإني كنت مستمتعة جدًا بالمحتوى اللي أنا بدرسه.

بس في نفس الوقت برضو كنت غير متقبلة إني أجيب أي تقدير أقل من امتياز، يعني A,A-  بالكتير قوي، إنما B+ دي كانت تعمل مشاكل كبيرة.

نهى: نسرين برضه واجهت حقيقة انها لا يمكن تكون دايما الأولى بعد لما دخلت الجامعة لكن الكشف ده كان له بعد وجودي غاية في الأهمية 

نسرين: أول احتكاك ليّا بإن أنا مش الأولى الحقيقة كان في الجامعة، يعني لغاية ثانوي أنا كنت دايمًا من الشاطرين، وجبت… يعني كنت مدارس حكومة، جبت تقدير يدخلني ألسن ودخلت ألسن، دخلتي ألسن ف كل الناس مجموعها فوق ال 95 ف يُعتبر الكل شاطر، ف انت كأنك بتعيدي بتسفرّي العداد من أول وإحنا حنبتدي بقى كلنا، آدي كلنا 95%، مين بقى الشاطر في ال 95؟ 

الصدمة بتاعت إن أنا مش الأولى في الجامعة، الغريب بقى في الموضوع ان هي كانت مرتبطة بشكلٍ ما بأخويا، لأن انا كنت ناحية ألسن وهو أخويا كان في أداب تاريخ، ف في جامعة عين شمس هما بتعدّي الشارع، ف الناحية التانية أداب تاريخ هو واقف ومبسوط وصحابه معارف وبنات وهو دمه خفيف جدًا، ف عايش حياته، وأنا الناحية التانية، تفكيري بيقولي إنت ولا الأولى ولا الحلوة ولا عندك… مفيش، يعني طبعًا جزء منها إن أنا برضو من قلة الخبرة إن أنا مثلًا مصاحبتش أيام الجامعة ومحبتش حد ولا حد حبّني أيام الجامعة خالص. ف ابتدى السؤال اللي هو طيب انت لو مش الاولى انت مين؟

يعني احساس بال.. ان فيه حاجة اتشالت ومحلش محلها شيء تاني ليه معنى، اتشال المركز الأساسي اللي كان في شخصيتي للثقة بالنفس.

نهى: تفتكري يا نسرين ايه السبب اللي بيخلي فكرة زي دي تتكرس في مخنا كأطفال أو في مخ بعضنا يعني، طبعًا مش كلنا، في ناس ربنا يعني بيعفي عنها وما بتمرّش بالتجربة دي، بس ايه السبب اللي ممكن بيكون بيكرّس الفكرة دي في أذهاننا من واحنا صغيرين؟

نسرين: يعني فيه ثقافة، يعني ثقافة إن الانسان يبقى شاطر ومجتهد ويعمل الواجب وخلص واجبك برافو عليك! غير طبعًا الواحد لمّا كبر وابتدى يحتك بثقافات تانية تلاقي إن فيه تركيز على آه خلّص واجبك بس عشان عندنا تمرين كورة، أو فيه سباحة، أو عندنا تمرين موسيقى، فيه حاجات تانية في الدنيا عشان كدة إحنا بنخلص الواجب، ف جزء منها طبعًا ثقافي، الجزء الثاني يعني يرتبط بعيلتي أنا، إن إحنا كان فيه تركيز على إنه والله آخ خلّص واجبك وشاطر وبرافو بشكل عام. 

أنا ليّا أخ واحد أكبر مني، بالمعايير بتاعتنا في مصر أنا أشطر منه، ف من العلاقة في البيت، مركزي في البيت أو لحظات الاهتمام سواء كانت زايدة أو الاهتمام بحنان أو اطراء أو ثناء عليها كان بسبب… يعني مصدره إن أنا كنت ببقى شاطرة.

 الحاجة التانية في العيلة، على مستوى العيلة أنا مقارنة بولاد خالتي الولاد أو البنات برضو بالنسبالهم الأولى أو التانية، جنبها أنا برضو مقارنةً ببنات خالتي مكنتش أحلى واحدة بالمعايير بتاعت مصر زمان،  فأنا سمرة، شعري اللي هو يُعتبر مكتكت، اللي هو دلوقتي بيتقال عليه curly من القلاطة لكن هو زمان كان بيتقال عليه مكتكت، ولابسة نضارة، من أولى ابتدائي لغاية لمّا دخلت الجامعة وعملت الليزك لابسة نضارة،

فكل الحاجات دي مش من معاييرها الحلاوة، ف لمّا بيجيلك اهتمام والاهتمام ملوش علاقة بالحلاوة ف انت بتقولي آه والله دة انا بعمل حاجة كويسة، ف ابتدت خلاص ارتبطت فكرة الهوية، إن أنا مين؟ إن أنا الأولى.

 اتخرجت من الجامعة ببكالوريوس صحافة واشتغلت على طول، هنا أصبح للعقدة تجليات جديدة، طبعًا نتيجة صعوبة تحديد ازاي أكون الأولى في عالم الصحافة تجلّت العقدة دي في صورة حرصي الشديد على الكمالية، مينفعش أكتب أي حاجة يكون فيها هفوة، مش غلطة، وهنا كانت دايمًا الكرابيج متحضرة، لو الموضوع اللي أنا بكتبه لا يرتقي لمستوى الكمال يبقى الكرباج لازم يشتغل، انت فاشلة، انت مش نافعة، ما تفكري تشوفيلك شغلانة تانية، الناس اللي شايفينك شاطرة قوي دول دا انت بتخدعيهم، دول معندهمش فكرة قد ايه انت خيبانة!

طبعًا ضغط نفسي غير عادي، وخوف من اني أنفرد بنفسي، بمعنى إن أنا لما بنفرد بنفسي في الاوقات دي ببهدلها، ف كنت دايمًا بحاول إن أنا منفردش بيها، لأني لو قعدت معاها حتُشعرني قد ايه أنا خذلتها. ضغط نفسي شديد ممكن بسهولة يؤدي لاكتئاب، اكتئاب كان له ارهاصاته قبل كدة.

نهى: انت فاكرة في تانية اعدادي؟

مامتها: آه طبعًا فاكرة..

نهى: ايه اللي حصل في تانية اعدادي؟

مامتها: تانية اعدادي من كتر ما انت مشدودة من المذاكرة، وكنت مش عايزة تنزلي عن المستوى دا، ف جالك شوية هزة نفسية كدة مش عايزة تذاكري، ساعات كنت تعيطي من غير حاجة، خايفة تروحي المدرسة، ف طبعًا أنا كانت حالتي كانت وحشة جدًا جدًا جدًا، مش عارفة كان ايه اللي جرالك، وبعدين قعدت أهدّي فيكي وبتاع، وخلاص ومش عارفة ايه، ولغاية ما ربنا الحمد لله عدّى المرحلة دي على خير يعني، لكن من كتر الضغط النفسي اللي انت عاملاه على نفسك وصلك لكدة.

نهى: كنت انت بتحسي بإيه ان أنا بطلع دايمًا الأولى؟ كانت بتفرق معاكي؟

مامتها: آه، كانت بتفرق.

نهى: بتفرق معاكي ازاي؟

مامتها: لأن أنا يعني مكملتش التعليم اللي كان في دماغي، ف كان امنية حياتي إن أنا أعلّم أولادي اللي أنا كان نفسي أتعلمه، ف كنت ببقى فرحانة جداً جدًا، بالرغم إن هو يعني انت بتبقي متضايقة عشان ناقصة نمرة ولا نمرة ونص، لكن أنا من جوايا ببقى سعيدة جدًا لإن كان كل همّي إنكو إنت وأخوكي تطلعوا من الاوائل على طول، وكنت لمّا بتطلعوا الاولى انت وأخوكي بعيّط من الفرحة، لأن اللي كنت عايزة اعمله شفته فيكو.

نهى: أنا كنت بحس ب ده، كنت بحس إن انت فرحانة، بس دا كان شوية بيحط عليا ضغط من غير ما تحسي إن عايزة أحافظ على نفس الحاجة، طول الوقت عايزة أحافظ على المركز الاول طول الوقت…

مامتها: أيوة، على قد ما أنا فرحت على قد ما كنت ندمانة.

نهى: كنت بتزقي بس مش بشكل مباشر.

مامتها: بزُّق، بس عارفة؟ زي الدب اللي بيقتل صاحبه، يعني دلوقتي بقول إن همّا، يعني انا حقاتل اللي كان نفسي أعمله بس همّا تعبوا..

نهى: الحقيقة أنا وأمي عمرنا ما تكلمنا في الموضوع دا قبل المرة دي، يمكن لو مكنتش عملت الحلقة دي مكنتش عرفت أي حاجة من اللي هي قالتهولي. لأول مرة اكتشف إن هي ليها اليد العليا في ترسيخ فكرة عقدة الاولى في ذهني، عمرها ما صرّحتلي بإنها كانت بتعوّض من خلالنا انا وأخويا اللي هي مقدرتش تحققه، وما أخدتش بالها ازاي حاجة زي كدة ممكن تسيب أثر طويل المدى. قررت في الآخر إني آخذ كل الكلام اللي هي قالتهولي وكل المشاعر اللي أنا بحس بيها وأحطها في ايد الشخص المتخصص اللي ممكن يقولي ايه اللي حصل معايا بالزبط وأنا صغيرة، وليه العقدة دي فضلت معايا.

(إعلان – بريك)

مكالمة هاتفية… عيادة دكتورة هبة حبيب، اتفضل.. تمام يا افندم، احنا مواعيد العيادة عندنا من الأحد للأربعاء، من 12 الظهر ل 8 بالليل، حضرتك تحب مواعيد صباحية ولا مسائية؟

حوار بين نهى ودكتورة هبة حبيب.

دكتورة هبة: دا مثال للحب المشروط اللي الطفل وصله إن أنا عشان مامتي تحبني لازم اطلع الاولى، لو طلعت التانية هي حتبطل تحبني، وطبعًا ان هي تبطل تحب طفل دا بالنسباله آخر الدنيا.

نهى: ودا بيستمر بقى..

دكتورة هبة: آه، مخلاص، بقت نظرتي لنفسي عشان أنا أبقى محبوبة من نفسي ومن الناس لازم أبقى أحسن واحدة، في كل حاجة، مهو احنا، أنا مش عارفة أحب نفسي غير من خلال حاجة، ف الحاجة دي بتبقى مصيرية بالنسبالي وحيوية، بس هي ما بتغذنيش عشان هي دايمًا ما بتبقاش كفاية، ف ببتدي أزودها، مهما نجحت انا مش حبقى ناجح كفاية، أنا عايز أنجح أكتر.

حوار بين ابراهيم ونهى..

دكتورة هبة: الطفل لمّا بيتولد بيبقى عنده أب وأم مفروض أو ناس بدلاء بيدّولوا فكرة عن نفسه من خلال تعاملهم معاه، أوك؟ ف لو هو بيتعامل مع أم بتعامله بحب هو حيشوف من خلال نظرتها ليه إنه هو كيان يتحب، ف لمّا هو يكون كيان يتحب هو حيسجل إنه هو شخص يتحب، ف يبتدي من هنا بذرة ال self love،

الفكرة بقى إنه فيه لو الحب اللي جاي من الاهل دا مش موجود، أو مشروط، أو غير موضوعي ممكن يعمللنا خلل في الشخصيات.

نهى: إذًا انا والأستاذة نسرين من ضحايا هذا الحب المشروط، بالتالي حبنا لذواتنا وقبولنا بيها مستحيل من غير ما نستوفي شرط التميز، طب نخرج ازاي من المعضلة دي؟ دا السؤال اللي بيفرض نفسه دلوقتي.

مداخلة…

نسرين: مش عارفة الحقيقة أحط ايدي على لحظة معينة حصلت فيها… نقطة تحول، يعني أحيانًا الواحد بتقابلي حد أو بتقري جملة وبعدين “آه والله الكلام دا مزبوط”، الموضوع حصل تدريجي، لأن كان مثلًا من ساعة ما ابتديت بشغلي وحياتي الاكاديمية، طبعًا كان حصل أكتر من ظرف عطّلني ولكن يبقى اللي مثلًا معطل انتاجيتي إن أنا في سعي للكمالية، ف أنا لمّا بقعد اشتغل على بحث أو بقرا مثلًا مقالة معينة بتاخد وقت أطول لأن أنا في ذهني المنتج دا لسة موصلش إلى الكمال، لو قدّمته يمكن يجيلي رد فعل مش المفروض يجي لواحدة أولى. 

ف طبعًا كل الكلام دا بيعطّل، ف لحظة الكشف كانت الحقيقة من سؤال أنا ليه مثلًا مش مستمتعة بالأبحاث، خصوصًا إن أنا اللي بختار الموضوع وأنا اللي بشتغل على الفكرة،  لحظة الكشف كانت في أنا ليه ابتديت أتعلم كلارينيت ووقفت! أو ليه أنا المفروض قلت لنفسي إن أنا مثلًا حروح ألعب رياضة، ليه لازم أروح 5 مرات في الأسبوع؟ يعني ايه المشكلة إن أنا أروح مرة أو أروح مرتين؟ ف كانت الحقيقة من اكتر جانب من … في حياتي، يعني في العادي كان فكرة الأولى بتبقى مرتبطة بالشغل أو مرتبطة بالدراسة، ابتدت القصة توسع إننا لقيت إن ليها أصداء في جوانب تانية من حياتي وإن دا مأثر سلبًا على استمتاعي بالدنيا.

نسرين بتعزف

نسرين: ابتدى بقى التحرر من فكرة الاولى دا من قراياتي في علم النفس وقراياتي في الفلسفة يعني أكتر شيء ابتدى يفتّح ذهني لإن فكرة الاولى دي مش لازم بالضرورة تبقى هوية ليا أو أنا شخصيتي إن أنا دا شيء صفة ليّا إن أنا الاولى، إن أصلًا مش لازم يبقى فيه توصيف للبنآدم، هو انسان عايش ويسعى إن هو يعيش بدون عناء. قيمة الاستمتاع دلوقتي بقت اعلى من قيمة إن انا هدفي إن أنا أطلع الاولى.

مداخلة…


نسرين: يعني أنا احساسي بنفسي دلوقتي كإن انا الطفلة بقى اللي كانت بتعيّط في سنة تالتة وسنة رابعة وأنا باصالها كدة بقولها “لا عادي على فكرة، مش لازم أبدًا، مش لازم أبدًا تطلعي الاولى ومش لازم أبدًا تجيبي، يعني محصلش أي حاجة انك جبتي 49 ونص من 50 في امتحان العربي”.

نهى: أنا حسألك سؤال، دلوقتي لمّا أقول مثلًا ابراهيم do or does his homework، حتبقى ايه؟

إبراهيم: انت قولتي ابراهيم ايه؟

نهى: do or does his homework؟ حبتقى ايه؟

إبراهيم: does 

نهى: صح، يبقى ابراهيم، قول الجملة على بعضها بقى..

إبراهيم: Ibrahim does his homework

نهى: في الحقيقة الانخفاض الملحوظ في حدة عقدة الاولى دة كان وثيق الصلة بتجربة الامومة في حالتي، ودا لأن تجربة الامومة بتقلل من التمحور حول الذات، بمعنى آخر الواحد بيبتدي يركز مع نفسه أقل من الأول، يعني الواحدة بتبقى أقصى طموحاتها إنها تنام 3 ساعات على بعض من غير ما أي حد أو أي حاجة تصحيها، أو حتى تاكل حاجة هي نفسها فيها من غير ما تفكر في الآثار السلبية للي بتاكله دا على الجنين أو الرضيع بعد كدة. والحمدلله إن عقدة الاولى ما انعكستش على رؤيتي لأمومتي، يعني الحمد لله معنديش هوس بإني آخد كأس العالم في الامومة ولا السعفة الذهبية للأم فوق العادية، بخوض التجربة بحلوها ومرّها من غير ما أحكم على نفسي كتير

لكن عقدة الاولى ما اختفتش بالكامل لا سمح الله، من حين لآخر بيبقى عندي نوبات، نوبات حادة جدًا، خصوصًا لمّا ألاقي حد عامل تقرير أو تحقيق مثير للإعجاب أو حد تلقى جايزة ما، يبتدي بقى الشريط اياه، انت عملتي ايه؟ انت ليه ما تحققيش حاجة زي كدة؟ انت فاشلة، انت مش نافعة، شوفيلك شغلانة تانية. لكن اللي أقدر أقوله إن الفاصل الزمني بين النوبات دي أصبح أطول، ومدة كل نوبة أصبحت أقصر، يمكن دا يكون لأني أصبحت على وعي أكبر بأصل المشكلة، ويمكن برضو يكون نتيجة إدراكي إن التمسك الشديد بالمركز الأول طول حياتي دا مجرد تعبير عن رغبة في الحصول على حب غير مشروط، سواء من أمي أو من ذاتي…

نهى: تفتكري ممكن اعمل كدة في ابراهيم؟ أخليه زي كدة، تفتكري؟

مامتها: لأ، لأ، لأن أنا حاسة إن أنا غلطت، يعني أنا حققت أمنيتي آه بس أنا غلطت، يعني بتصعبي عليا إذا كنت انت ولا أخوكي، لأنه لأ، أنا ابراهيم أو احفادي ما أحبش إنه كدة، عايزة يعيشوا سنهم ويعيشوا طفولتهم.

نهى: مش لازم يطلع الاول يعني؟

مامتها: لأ، لأ، لأ، أهم حاجة يبقى عنده ثقة في نفسه، وإنه هو يطلع التاني التالت بس يذاكر ويتحمل المسؤولية.

نهى: طب ولو طلع العاشر، مش التاني ولا التالت

مامتها: لا، العاشر تزعل، 5  الاوائل… إن لازم يعيش طفولته ويعيش سنه.

نهى: بس يطلع من 5 الاوائل..

مامتها: آه، بالوقت الحالي آه.

نهى: وبعد الكشف الكبير عن أصل المعضلة، أصبح شغلي الشاغل هو إني معرضش ابني لأي شكل من أشكال الحب المشروط، الحب المشروط اللي ممكن يفقده قدرته على التصالح مع ذاته وتقبلها بكل ما فيها من عيوب ومميزات، تقبل يقدر يمكنه من إنه يتقدم لقدام ويحسّن من نفسه وفي نفس الوقت يستمتع بحياته بدون أي نوبات تعاسة أو جلد للذات.

حوار مع ابراهيم….

هاي الحلقة من إعداد نهى الحناوي، شكرا كثير لنهى الحناوي ولضيفتها نسرين. وطبعا شكرا كثير لطاقم الفريق الرائع للدعم التحريري، نادين شاكر وهبة عفيفي مديرة التحرير، التصميم الصوتي لفادي جرس وأنا مقدمة ومحررة البرنامج شهد بني عودة.

طلب للمستمعين إذا حبيتو الحلقة شاركونا تقييمكم واتركولنا رأيكم، التقييم والرأي بيسهل الناس تلاقينا على منصات البودكاست. وإذا حبيتو الحلقة شاركوها مع الأحباب والأصدقاء وكل الناس.

ما تنسو تشتركو بالقناة وتتابعونا، لاقيكم بالحلقة المقبلة!

(تمت – إعلان)