Bhob_S5_Artwork

LATEST EPISODES

آخر الحلقات

لسنا وحيدات

Listen استمع

ضوء لا يشبهني

Listen استمع

بيوت العُمر

Listen استمع

لسنا وحيدات

Listen استمع

ضوء لا يشبهني

Listen استمع

بيوت العُمر

Listen استمع

الهروب من السودان

Listen استمع

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER

اشترك في نشرتنا الالكترونية

YOU MAY ALSO LIKE

قد يعجبك أيضاً

على حافة البيسين

Listen استمع

عن الحميمية والخزي

Listen استمع

المغفرة مع الطبيعة

Listen استمع

أين ذهب الفضائيون؟

Listen استمع

المغفرة على أخطائنا

Listen استمع

التاجر البغدادي و القهرمانة الجزء الرابع

Listen استمع

على وشك الغرق

Listen استمع
Bhob_S5_Artwork

لغة أخرى للحب

لم تختبر داليا مظاهر الحب المعتادة مع إبنها أنس الذي يقع على طيف التوحد. فأنس لا يعبر عن حبه من خلال الكلام أو الأحضان والقبلات مثل الأطفال الآخرينولكن مع الوقت اكتشفت داليا لغة أنس الخاصة جداً في التعبير عن الحب، وتعلمت منه الكثير .

أعدّت هذه الحلقة نهى الحناوي، بدعم تحريري من نادين شاكر، شهد الطخيم، هبة عفيفي، شهد بني عودة، دانا بالوط، هبة فيشر. تصميم صوتي وتأليف موسيقي لمحمد خريزات. برنامج بحب من إنتاج شبكة كيرنينج كلتشرز.

يمكنكم دعم هذا البرنامج عبر patreon.com/kerningcultures بمبلغ يبدأ من دولار واحد في الشهر.

Support the show: https://www.patreon.com/kerningcultures

(المقدمة)

(حوار بين أنس وداليا)

شهد بني عودة: بالعادة من أسعد لحظات الأمومة هي لما الطفل يعبر لأمه عن حبه إلها، لما يقولها بحبك، لما يحضنها، لما يقبله، يعني… هذه الطرق الأساسية للتعبير عن الحب والعاطفة. بس داليا، والي هي بطلة حلقتنا اليوم زي كتير من أمهات التوحد، ما قدرت تختبر تماماً هاي التعبيرات. بس بالمقابل، وكعادة الأم الي بتقاتل الدنيا عشان أطفالها، قدرة تخلق علاقة مميزة مع طفلها أنس، هاي العلاقة فيها صدق كبير وعطاء نادر وحنية مش عادية، فيها لغة خاصة بيعبروا فيها بطريقتهم عن كل هذا الحب والعاطفة.

أعدت حلقتنا هاي  نهى الحناوي من مصر

(موسيقى المقدمة)

داليا: أنا بدأت أكتشف أنه في حاجة مختلفة في أنس عن الأطفال التانيين من بعد ما تم سنة. لأنه من بعد ما تم سنة أنا كنت أم مثقفة جدًا يعني أقعد أقرا كتير قوي عن مراحل نمو الاطفال وايه هى علامات الخطر اللي لازم الام تاخد بالها منها في تطور الطفل. عادة الأمهات بيركزوا قوي في التطورات الجسدية، يعني أنه مسننش، انه ما بيمشيش، انه ما بيقعدش. لكن انا بالنسبالي كان عندي وعي شديد جدًا بأهمية التطورات العقلية والاجتماعية عند الطفل. فأنا بدأت ألاحظ أنه هو مابيستجيبش قوي لما ننده عليه باسمه، مش بيبص في العين كتير لما نتعامل معاه، عنده ولع شديد جدًا جدًا بالحاجات اللي بتلف، المراوح، ولو نحلة مثلاً  بتلف ممكن يقعد يتأمل فيها فترة طويلة. فدي كلها كانت من العلامات اللي أنا عارفاها بحكم دراستي وبحكم قرايتي عامةً عن نفسية الأطفال إنها حاجة بتقول انه لازم نروح نشوف حد متخصص.

نهى الحناوي: في الوقت اللي اتحرمت فيه داليا من الحب الرومانسي، لقت نفسها كمان محرومة كأم من أن ابنها أنس يقولها بحبك، أو يحضنها أو يبوسها بشكل  طبيعي، زي أي طفل تاني ما بيعمل مع أمه. التجربة هي شايفاها امتحان حقيقي لمدى صدق أمومتها رغم كل الضغط النفسي اللي بتضعه عليها.

نهى: داليا ايهاب يونس، هي شابة مصرية، عمرها 33 سنة، مطلقة وأم لطفل على طيف التوحد. والتوحد دا اضطراب في النمو، أطفال كتير بيتولدوا بيه، في أغلب الحالات الطفل بيكون غير قادر على الكلام أو التعبير عن مشاعره أو التواصل مع أقرب الناس ليه، حتى أمه.

(داليا تغني مع أنس الأبجدية)

داليا: الحب في التوحد ليه ميزة وليه عيب، الميزة هي أنه هو صادق 100%، يعني الأطفال كلها تقدر في سن بدري جدًا يبقى عندهم نوع من الدبلوماسية اللي تخليهم يحبوكي ويبقوا لطاف معاكي عشان انت معاكي حاجة هما عايزينها، إنما اطفال التوحد معندهمش الكلام دا، هو يا بيحبك يا عايز يتواصل معاكي يا لأ، مفيش في فصال. فدا معناه انه هو لو أظهرلك الحب ف دا معناه انه هو فعلًا يقصده، وفعلًا تقدري تطمني ان انت مع كائن من الكائنات النادرة جدًا في الحياة اللي حتديكي مشاعر صادقة 100%.

العيب بقى ان دا مش دايمًا بيكون بالصورة اللي انت تتوقعيها، وفي الوقت اللي انت تتوقعيه. في أوقات كتير قوي كنت بحس ان أنس بيحبني بشكل خاص، يعني كان أحيانًا يقف كدة في المطبخ وأكون بعمل حاجة وبعدين فجأة ابصله ألاقيه بيبصلي بصة كدة فيها هيام شديد جدًا. وأحيانًا تانية كنت أبقى بعيّط قدامه وهو قاعد بيلعب وبيضحك وبياكل ولا فارق معاه خالص.

خذلان يعني بيكسر القلب بشكل لا تتخيليه، بالذات بقى ان امهات الاطفال اللي عندهم توحد بالذات بتبقى حياتهم كلها متغيرة ومتبهدلة ومتشقلبة بسبب انها بتودي بقى جلسات تخاطب وبتتكلم مع المدرسة، وبتعالج المشكلة اللي حصلت بسبب تصرفه هنا، وكذا. ف هي أصلًا بتبقى عليها أعباء كتيرة جدًا جدًا تتعلق بمواجهة المشاكل اللي حاصلة بسبب الحالة بتاعته. فلما ما تلاقيش تقدير ولما ما تلاقيش حب وحنان وتقدير كافي من الطفل دا بيبقى شيء مؤلم جدًا جدًا. لكن لما أنا بفكر فيها وبشوف انه التعبير بتاع الحب غير المشروط اللي الناس توصفه بالأمومة مفيش تجربة أعتقد ممكن الأم تمر بيها زي انها تكون بتعمل كل دا لطفل مابيعبرش عن حبه ليها بشكل طبيعي. يعني انت لو عايزة تختبرى فعلًا اذا كنتي بتحبي ابنك حب غير مشروط جربي ان انت تعمليله حاجة حلوة جدًا هو بيحبها وما يقولكيش حتى شكرًا، وما يبوسكيش، وما يطبطبش عليكي لما تعيطي علشان هو معملش الحاجات دي. فكان بيألمني جدًا لما بقرا حاجات أو أسمع من صحابي أنه قد ايه البنات حنينين ولما تشوفني بعيط تيجي تطبطب عليا، وقد ايه.. بالذات بقى علاقة الولد بمامته. يعني دايمًا كانوا صحابي يقولولي ان الولد حنين قوي على مامته والبنت حنينة قوي على باباها. فأنا مكنتش بشوف دا، كان بيمر عليا لحظات سودة جدًا جدًا جدًا، أبقى محتاجة حد يطبطب عليا وهو مش فاهم أصلاً.

نهى: ومن وقت تشخيص أنس وداليا متبعة برنامج تأهيل غاية في التعقيد، قائم بالأساس على جلسات تخاطب وتنمية مهارات مختلفة بشكل يومي، ونتيجة شغلها لساعات طويلة فهي بتعتمد بشكل كبير على بوحة أو رابحة، مربية أنس، اللي بتلازمه من ساعة ما بيصحى لحد ما بينام.

داليا في مكالمة تليفونية…. 

رابحة: ألو؟

داليا: أيوة يا بوحة، إزيك؟

رابحة: أيوة يا دكتور إزاي حضرتك الحمد لله تمام.

داليا: الحمد لله كله تمام؟ أنس كويس؟

رابحة: كله فل الفل.. تمام الحمدلله.

داليا: انتوا فين كدة يا بوحة؟

رابحة: احنا في النادي كان عندنا بسين، وخلصنا ف دلوقتي بنبتدي نتحرك رايحين سيشن عند دكتور أية.

داليا: طيب وعامل ايه انس مع الكابتن؟

رابحة: كان خطير والله الحمدلله… دلوقتي نتحرك على دكتور آية إن شاء الله.

داليا: طيب، طمنيني عليكي بقى لما تروحوا هناك.

داليا: أحيانًا أنس بيبقى عنيف قوي في التواصل بيني وبينه، يعني أما يجي يحضني يلزق مناخيره في مناخيري أو لدرجة انها حاجة توجعني، يقعد يطبل عليا جامد قوي.. أحيانًا بفتقد جدًا بس أنه يبقى فيه حضن عادي، انه يقولي انا بحبك، وفي لحظات تانية تلاقي هو من نفسه كده قاعد في حجري و مسك في رأسي أو قاعد يغنيلي أغنية بشكل أنا متوقعوش و في أوقات أنا ماتوقعهاش.

أنس مثلا من الحاجات اللي هو بيحب يعملها جدًا حضن الوش، حضن الوش دا يعني انه هو بيقرب وشه من وشك جدًا ويلزق مناخيره في مناخيرك ويقعد يحرك مناخيره يمين وشمال، حركة غريبة جدًا، وأحيانًا ممكن تكون مؤلمة لما يقعد يضغط على راسك قوي كدة. فلما الناس بتشوفه بيعمل كدا هما ما بيبقوش فاهمين هو بيعمل ايه، يعني هو بيعضني ولا بيلعب معايا ولا بيبوسني ولا… بتبقى حركة غير مفهومة.

(داليا تفتح الباب وتستقبل أنس ورابحة)

داليا: هو أنس لحد دلوقتي مش بيبوس بوسة عادية، لكن هو بيلزق بقه فيكي قوي كدة ويعتبر ان دي هي البوسة يعني. لكن أنا فاكرة أول مرة عرف ينطق “آي لف يو” وأول مرة عرفت اعلمه ان “آي لف يو” بيترد عليها ب “آي لف يو تو”، أنا بحبك، بحبك أنا كمان. في الأول، أول ما علمتها له كنت زي اي أطفال التوحد، هما كتير يكرروا وهما مش فاهمين الحاجة اللي بيقولوها، وكنت شايفة انه هو خلاص هو بس بيكرر الكلمة، بس لطيفة برضو يعني أحسن من مافيش، مش حنقول لأ، حتى لو هو مش فاهمها. لحد ما في مرة كنا رايحين النادي، وهو أصرّ إصرار شديد جدًا انه هو ما ينزلش من العربية، مش عايز يدخل النادي، وانا مكنتش فاهمة ليه، وعياط وصريخ، ولأ مش عايز. ف رحت جبتله حاجة حلوة ورجعنا، قعدنا في العربية ما نزلناش رحنا النادي، فقعد ياكلها، بصلي وقالي “آي لف يو”.. فدي كانت أول مرة أحس انه هو قاصدها فعلًا، انه هو بيقولي دا كتعبير عن اللي هو حاسس بيه. ففكرت ان انت ازاي تشرحي للعالم الخارجي انه طريقة تعبيره عن الحب ممكن تكون مختلفة جدًا جدًا، وتفهميهم انه هو طفل مختلف شوية فيما يتعلق بمشاعره وبالحاجات اللي بتبسطه وبالحاجات اللي هو قادر يعبر عنها، دا تحدي كبير جدًا.

(بريك – Break)

داليا تتحدث بلسان أنس… 

أهلًا، اسمي أنس، وبيدلعوني نوسي أو نوسو أو أنوسي أو كنكوسي، وعندي 5 سنين. دي ماما، أكتر حد بحبه وأكتر حد بيحبني. من وانا عندي سنة ونص ماما سنجل، رغم انها بتشتغل كتير جدًا علشان تصرف عليا، بتحاول دايمًا تقضي معايا وقت لطيف. أنا وماما عايشين مع جدو وتيتة وخالته. أنا بحب المية جدًا، وسبّاح ملوش حل، ماما شايفة اني كان المفروض أتولد بزعانف بدل رجلين. أنا ما بتكملش قوي بس بغني وبعمل ايقاعات طول الوقت. بحب أقلّب وألف الحاجات، وأحيانًا حوالين نفسي.

داليا: المعرفة هي أول طريق الحب، انتي علشان تحبي حد أول حاجة لازم تعرفيه، وبالتالي أنا حسيت انه أنا من واجبي كأم أن أنا أتحدث بلسان ابني عنه، وطالما انه هو مش قادر يتكلم ويقول عن الحاجات الكويسة اللي فيه زي كل الأطفال التانيين لما بيتسئلوا انت بتحب ايه او ايه اكلتك المفضلة أو ايه لعبتك المفضلة، هو ما بيقدرش يعبر عن دا لكن هو عنده دا. ففكرت اني أعمل برزنتيشن بتكلم فيها على لسانه، حتى كتبتها كأنه هو اللي بيتكلم، بحيث اني ادي فرصة للمدرسين بتوعه وللأمهات بتوع زمايله في الفصل انه هما يعرفوه كأنه طفل عادي بيقدم نفسه ليهم.

داليا تتحدث بلسان أنس من جديد….

أنا معنديش صحاب كتير علشان عندي مشكلة في التواصل مع الاطفال اللي في سني. بفضّل اني أعمل حاجات كتير لوحدي، ومش بتعامل معاهم غالبًا إلا لو معاهم حاجة أنا مهتم بيها. بس بمساعدة ناس لطيفة مهتمة بقدر إني أستمتع بوقتي وسط الأولاد التانيين. أنا زي الأطفال التانيين، عندي أوقات كويسة ووحشة، بس يمكن أوقاتي وحشة بتكون أصعب شوية، لأني مش بعرف أعبر كويس.

داليا: وضع أنس كان حقيقي جدًا جدًا لدرجة انه هو كشف حقايق تانية أنا مكنتش واخدة بالي منها أنا وأبوه، يعني أنا بعتبر انه وجود أنس تجربة مغربلة جدًا جدًا لكل المشاعر اللي أنا كنت أنا وأبوه نكنها لبعض، وكان فيها شوائب كتيرة قوي مغطية ع الحقيقة.

(رابحة بتلعب مع أنس وضحك)

داليا: أنا اتخطبت وانا عمري 21 سنة، واتجوزت وانا عندي حوالي 24-25 سنة يعني في السن دا، وهي كانت قصة حب عنيفة، كان زميلي في الكلية وحبينا بعض وبنينا بيتنا طوبة فوق طوبة، وهي تجربة أنا مش ندمانة عليها أبدًا رغم انها انتهت بالطلاق، لكن هي كانت تجربة حلوة في وقتها. أنا كان ولا زلت أكتر حاجة أقدرها جدًا جدًا في الحب الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة. يعني قبل ما نتخطب أنا وأبو أنس كنت بفكر دايمًا انه تبقى حاجة لطيفة جدًا ان حد يلقط كلمة من اللي انت بتقوليه وبعدها مثلا بشهر او شهرين يفتكرها ويقولك أنا افتكرتك لما قولتي كذا، دي بالنسبالي مثلا كانت سمة اهتمام وحب لطيفة جدًا. فكرة انه لما تكوني وسط مجموعة ناس وبتتكلمي في حاجة محدش مهتم بيها، تلاقي حد مهتم انه يسمعك، مهتم انه تكملي أكتر، مهتم انه يناقشك في اهتماماتك الغريبة أو في الحاجة الأغلب الناس مش مهتمين بيها. ففكرة التفاصيل الصغيرة دي أنا طول عمري تفرق معايا جدًا، ودي من الحاجات اللي أنا حبيتها جدًا جدًا في أبو أنس لأنه هو كان بيشوفنى وسط الزحمة.

نهى: بمجرد ما داليا خلفت ابنها أنس، بدأت تشعر ان قصة الحب اللي نشأت داخل أقسام كلية الطب… بدأت تتراجع شوية، وبدأ يحل محلها مشاعر سلبية كتير.

داليا: اللي حصل بعد الخلفة انه الحب بالنسبالي بقى ليه علاقة أكبر بتحمل المسؤولية، وليه علاقة أكبر بأنه الشخص مايحسسكيش طول الوقت ان انت درجة تانية. يعني انا كان دايمًا الشعور اللي بيجيلي إن أنا أم درجة تانية، زوجة درجة تانية، ست درجة تانية. فأنا بالنسبالي مثلاً كان مهم جدًا ان الشخص يدعمني قوي، يشيل معايا المسؤولية قوي. فأنا نوع الحب دا ملقتهوش، يعني ليه؟ لأنه هو كان بيدور على نوع حب تاني، هو كان بيدوّر على حد يعتبره هو الأولوية القصوى، هو الأساس. 

نهى: لكن مش بس ضغط الخلفة اللي خلى داليا تشوف حبيب أيام الجامعة بشكل مختلف، لأ، ظرف أنس الخاص جدًا كان له دور كبير في تحديد مسار قصة حبها.

داليا: أنسي تشخص بعد ما اتطلقنا الحقيقة لكن أنا لحد ما كنا متجوزين كنت بحارب على فكرة أنه في حاجة مش طبيعية، في حاجة غلط بتحصل. وباباه كان عنده انكار شديد جدًا للموضوع دا، وبالتالي من الحاجات اللي حالة أنس فتحت عيني عليها إن ازاي ممكن تكوني انتي وشريك حياتك مش بتتكلموا نفس اللغة.

(داليا تغني الأبجدية بالعربي)

داليا: لما داليا بتحس انها محتاجة حد يحتويها، يحضنها يطبطب عليها، يبوسها، أول حاجة بتلجأ ليها أنها تغني. أنا بحس ان في موسيقى كمان بسمعها، بالذات موسيقى مارسيل خليفة، بتطبطب عليا حرفيًا، يعني انا بحس انه في نغمات معينة في العود بيبقى ليها صوابع، بحسها على كتفي وبحسها على شعري وبحس انه المزيكا أحيانًا بتتحول لشخص قاعد جنبي بيطبطب عليا وبيخلي باله مني وبيقولي معلش، وبيقولي لأ، انت حلوة، سيبك منهم.

نهى: داليا شخصية متمردة بطبيعتها، متجاوزة لكل القوالب اللي المجتمع بيفرضها علينا وكمان بترفض تدفن رأسها في الرمل. أول ما حست ان علاقتها الزوجية غير مشبعة لها عاطفيًا، أنهتها، وأول ما حست ان دراستها للطب مش هي اللي هتخليها تحقق اللي هي عايزاه تركت المجال كله، واتجهت للعمل بالعلاقات العامة، وكمان أحيت هواية قديمة كانت عندها، وهي الغنا عشق الموسيقى 

(داليا تغني)

نهى: الهواية دي بالتحديد بتساعدها على مد جسور التواصل مع أنس.

داليا: أحياناً بكون بلعب حاجة ع البيانو وهو ييجي يهتم أوي ويبقى عاوز (ABC) وأحيانا ميفرقش معاه خالص، ملهاش قاعدة. بس هو عادة بيهتم بالآلات الموسيقية، كن مرة واحد صاحبي بيلعب كلارينيت قدامه، وهي آلة من أدوات النفخ، فهو أول مرة في حياته يشوف آلة نفخ. فهو كان قاعد مذهول جداً، بيدور على الحتة اللي طالع منها الصوت، بيعد يمسك الفتحة ويبص يشوف هو الصوت ده جاي منين. نفس الكلام على العود، انه في أوتار والأوتار دي بتطلع حاجة مختلفة. بالنسباله الآلات الموسيقية حاجة مغرية للاكتشاف. 

(عزف داليا وأنس) 

داليا: الحاجة الوحيدة اللي هو بيحب يعزفها على البيانو وبشدة انه يلعب النغمتين دول… بيحب العلاقة دي أوي في البيانو.

داليا: محمود درويش ليه جملة أنا بحبها قوي، بيقول “كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة، وجدنا غريبين معا”.. الجملة دي أنا بحبها قوي لأنه أنا طول عمري كان عندي التخوف دا عليا أنا شخصيًا، ان أنا إنسانة غريبة الاهتمامات جدًا جدًا، وأولوياتي في الحب وفي الحياة وفي الاختيارات الغير معتادة ممكن تخلي في صعوبة شديدة إني ألاقي حد يولف معايا، زي ما بيقولوا يعني، أنه يبقى على نفس الموجة.

 فالغريبة ان انا لقيت دا ولما بفكر في أنس وبفكر انه هو التحدي بالنسباله حيبقى أكبر بفكر طب انا ليه ما اشوفش أنه على قدر أهل العزم تؤتى العزائم، يمكن هو على قد التحدي اللي عنده، على قد الجايزة اللي هياخدها في الآخر أنه هو فعلًا يلاقي حد متقبله زي ما كان، أنه هو أهم حاجة في الحب القبول والاحترام.

شهد: هذه الحلقة من “بحب” من إعداد نهى الحناوي، التصميم الصوتي والتأليف الموسيقي لمصمم الصوت محمد خريزات. شكر كبير لكل طاقم الفريق للدعم التحريري، دانا بالوط، هبة فيشر، شهد الطخيم، نادين شاكر، مديرة الإنتاج هبة عفيفي وأنا شهد بني عودة مضيفة ومحررة البرنامج.

برنامج بحب من إنتاج شبكة كيرنينج كلتشرز، وثائقياتٌ صوتية من أنحاء الشرق الأوسط تنطلق من الحب بكل أنواعه. 

طلب صغير لكل مستمعينا، إذا حبيتو الحلقة شاركونا تقييمكم واتركوا لنا رأيكم. التقييم والرأي بيساهم كتير في إن الناس تلاقينا على منصات بودكاست أكتر. وإذا حبيتو الحلقة شاركوها من أصحابكم، خصوصاً الأصدقاء اللي لسه ما اكتشفوا عالم البودكاست. احكوا لهم عن عالم التدوين الصوتي وعن القصص المتنوعة وعن المحتوى اللي ممكن يلاقوه في هاي المنصات. شكراً للاستماع وإلى اللقاء في حلقة جديدة من برنامج بحب. 

(تمت – إعلان)

(المقدمة)

(حوار بين أنس وداليا)

شهد بني عودة: بالعادة من أسعد لحظات الأمومة هي لما الطفل يعبر لأمه عن حبه إلها، لما يقولها بحبك، لما يحضنها، لما يقبله، يعني… هذه الطرق الأساسية للتعبير عن الحب والعاطفة. بس داليا، والي هي بطلة حلقتنا اليوم زي كتير من أمهات التوحد، ما قدرت تختبر تماماً هاي التعبيرات. بس بالمقابل، وكعادة الأم الي بتقاتل الدنيا عشان أطفالها، قدرة تخلق علاقة مميزة مع طفلها أنس، هاي العلاقة فيها صدق كبير وعطاء نادر وحنية مش عادية، فيها لغة خاصة بيعبروا فيها بطريقتهم عن كل هذا الحب والعاطفة.

أعدت حلقتنا هاي  نهى الحناوي من مصر

(موسيقى المقدمة)

داليا: أنا بدأت أكتشف أنه في حاجة مختلفة في أنس عن الأطفال التانيين من بعد ما تم سنة. لأنه من بعد ما تم سنة أنا كنت أم مثقفة جدًا يعني أقعد أقرا كتير قوي عن مراحل نمو الاطفال وايه هى علامات الخطر اللي لازم الام تاخد بالها منها في تطور الطفل. عادة الأمهات بيركزوا قوي في التطورات الجسدية، يعني أنه مسننش، انه ما بيمشيش، انه ما بيقعدش. لكن انا بالنسبالي كان عندي وعي شديد جدًا بأهمية التطورات العقلية والاجتماعية عند الطفل. فأنا بدأت ألاحظ أنه هو مابيستجيبش قوي لما ننده عليه باسمه، مش بيبص في العين كتير لما نتعامل معاه، عنده ولع شديد جدًا جدًا بالحاجات اللي بتلف، المراوح، ولو نحلة مثلاً  بتلف ممكن يقعد يتأمل فيها فترة طويلة. فدي كلها كانت من العلامات اللي أنا عارفاها بحكم دراستي وبحكم قرايتي عامةً عن نفسية الأطفال إنها حاجة بتقول انه لازم نروح نشوف حد متخصص.

نهى الحناوي: في الوقت اللي اتحرمت فيه داليا من الحب الرومانسي، لقت نفسها كمان محرومة كأم من أن ابنها أنس يقولها بحبك، أو يحضنها أو يبوسها بشكل  طبيعي، زي أي طفل تاني ما بيعمل مع أمه. التجربة هي شايفاها امتحان حقيقي لمدى صدق أمومتها رغم كل الضغط النفسي اللي بتضعه عليها.

نهى: داليا ايهاب يونس، هي شابة مصرية، عمرها 33 سنة، مطلقة وأم لطفل على طيف التوحد. والتوحد دا اضطراب في النمو، أطفال كتير بيتولدوا بيه، في أغلب الحالات الطفل بيكون غير قادر على الكلام أو التعبير عن مشاعره أو التواصل مع أقرب الناس ليه، حتى أمه.

(داليا تغني مع أنس الأبجدية)

داليا: الحب في التوحد ليه ميزة وليه عيب، الميزة هي أنه هو صادق 100%، يعني الأطفال كلها تقدر في سن بدري جدًا يبقى عندهم نوع من الدبلوماسية اللي تخليهم يحبوكي ويبقوا لطاف معاكي عشان انت معاكي حاجة هما عايزينها، إنما اطفال التوحد معندهمش الكلام دا، هو يا بيحبك يا عايز يتواصل معاكي يا لأ، مفيش في فصال. فدا معناه انه هو لو أظهرلك الحب ف دا معناه انه هو فعلًا يقصده، وفعلًا تقدري تطمني ان انت مع كائن من الكائنات النادرة جدًا في الحياة اللي حتديكي مشاعر صادقة 100%.

العيب بقى ان دا مش دايمًا بيكون بالصورة اللي انت تتوقعيها، وفي الوقت اللي انت تتوقعيه. في أوقات كتير قوي كنت بحس ان أنس بيحبني بشكل خاص، يعني كان أحيانًا يقف كدة في المطبخ وأكون بعمل حاجة وبعدين فجأة ابصله ألاقيه بيبصلي بصة كدة فيها هيام شديد جدًا. وأحيانًا تانية كنت أبقى بعيّط قدامه وهو قاعد بيلعب وبيضحك وبياكل ولا فارق معاه خالص.

خذلان يعني بيكسر القلب بشكل لا تتخيليه، بالذات بقى ان امهات الاطفال اللي عندهم توحد بالذات بتبقى حياتهم كلها متغيرة ومتبهدلة ومتشقلبة بسبب انها بتودي بقى جلسات تخاطب وبتتكلم مع المدرسة، وبتعالج المشكلة اللي حصلت بسبب تصرفه هنا، وكذا. ف هي أصلًا بتبقى عليها أعباء كتيرة جدًا جدًا تتعلق بمواجهة المشاكل اللي حاصلة بسبب الحالة بتاعته. فلما ما تلاقيش تقدير ولما ما تلاقيش حب وحنان وتقدير كافي من الطفل دا بيبقى شيء مؤلم جدًا جدًا. لكن لما أنا بفكر فيها وبشوف انه التعبير بتاع الحب غير المشروط اللي الناس توصفه بالأمومة مفيش تجربة أعتقد ممكن الأم تمر بيها زي انها تكون بتعمل كل دا لطفل مابيعبرش عن حبه ليها بشكل طبيعي. يعني انت لو عايزة تختبرى فعلًا اذا كنتي بتحبي ابنك حب غير مشروط جربي ان انت تعمليله حاجة حلوة جدًا هو بيحبها وما يقولكيش حتى شكرًا، وما يبوسكيش، وما يطبطبش عليكي لما تعيطي علشان هو معملش الحاجات دي. فكان بيألمني جدًا لما بقرا حاجات أو أسمع من صحابي أنه قد ايه البنات حنينين ولما تشوفني بعيط تيجي تطبطب عليا، وقد ايه.. بالذات بقى علاقة الولد بمامته. يعني دايمًا كانوا صحابي يقولولي ان الولد حنين قوي على مامته والبنت حنينة قوي على باباها. فأنا مكنتش بشوف دا، كان بيمر عليا لحظات سودة جدًا جدًا جدًا، أبقى محتاجة حد يطبطب عليا وهو مش فاهم أصلاً.

نهى: ومن وقت تشخيص أنس وداليا متبعة برنامج تأهيل غاية في التعقيد، قائم بالأساس على جلسات تخاطب وتنمية مهارات مختلفة بشكل يومي، ونتيجة شغلها لساعات طويلة فهي بتعتمد بشكل كبير على بوحة أو رابحة، مربية أنس، اللي بتلازمه من ساعة ما بيصحى لحد ما بينام.

داليا في مكالمة تليفونية…. 

رابحة: ألو؟

داليا: أيوة يا بوحة، إزيك؟

رابحة: أيوة يا دكتور إزاي حضرتك الحمد لله تمام.

داليا: الحمد لله كله تمام؟ أنس كويس؟

رابحة: كله فل الفل.. تمام الحمدلله.

داليا: انتوا فين كدة يا بوحة؟

رابحة: احنا في النادي كان عندنا بسين، وخلصنا ف دلوقتي بنبتدي نتحرك رايحين سيشن عند دكتور أية.

داليا: طيب وعامل ايه انس مع الكابتن؟

رابحة: كان خطير والله الحمدلله… دلوقتي نتحرك على دكتور آية إن شاء الله.

داليا: طيب، طمنيني عليكي بقى لما تروحوا هناك.

داليا: أحيانًا أنس بيبقى عنيف قوي في التواصل بيني وبينه، يعني أما يجي يحضني يلزق مناخيره في مناخيري أو لدرجة انها حاجة توجعني، يقعد يطبل عليا جامد قوي.. أحيانًا بفتقد جدًا بس أنه يبقى فيه حضن عادي، انه يقولي انا بحبك، وفي لحظات تانية تلاقي هو من نفسه كده قاعد في حجري و مسك في رأسي أو قاعد يغنيلي أغنية بشكل أنا متوقعوش و في أوقات أنا ماتوقعهاش.

أنس مثلا من الحاجات اللي هو بيحب يعملها جدًا حضن الوش، حضن الوش دا يعني انه هو بيقرب وشه من وشك جدًا ويلزق مناخيره في مناخيرك ويقعد يحرك مناخيره يمين وشمال، حركة غريبة جدًا، وأحيانًا ممكن تكون مؤلمة لما يقعد يضغط على راسك قوي كدة. فلما الناس بتشوفه بيعمل كدا هما ما بيبقوش فاهمين هو بيعمل ايه، يعني هو بيعضني ولا بيلعب معايا ولا بيبوسني ولا… بتبقى حركة غير مفهومة.

(داليا تفتح الباب وتستقبل أنس ورابحة)

داليا: هو أنس لحد دلوقتي مش بيبوس بوسة عادية، لكن هو بيلزق بقه فيكي قوي كدة ويعتبر ان دي هي البوسة يعني. لكن أنا فاكرة أول مرة عرف ينطق “آي لف يو” وأول مرة عرفت اعلمه ان “آي لف يو” بيترد عليها ب “آي لف يو تو”، أنا بحبك، بحبك أنا كمان. في الأول، أول ما علمتها له كنت زي اي أطفال التوحد، هما كتير يكرروا وهما مش فاهمين الحاجة اللي بيقولوها، وكنت شايفة انه هو خلاص هو بس بيكرر الكلمة، بس لطيفة برضو يعني أحسن من مافيش، مش حنقول لأ، حتى لو هو مش فاهمها. لحد ما في مرة كنا رايحين النادي، وهو أصرّ إصرار شديد جدًا انه هو ما ينزلش من العربية، مش عايز يدخل النادي، وانا مكنتش فاهمة ليه، وعياط وصريخ، ولأ مش عايز. ف رحت جبتله حاجة حلوة ورجعنا، قعدنا في العربية ما نزلناش رحنا النادي، فقعد ياكلها، بصلي وقالي “آي لف يو”.. فدي كانت أول مرة أحس انه هو قاصدها فعلًا، انه هو بيقولي دا كتعبير عن اللي هو حاسس بيه. ففكرت ان انت ازاي تشرحي للعالم الخارجي انه طريقة تعبيره عن الحب ممكن تكون مختلفة جدًا جدًا، وتفهميهم انه هو طفل مختلف شوية فيما يتعلق بمشاعره وبالحاجات اللي بتبسطه وبالحاجات اللي هو قادر يعبر عنها، دا تحدي كبير جدًا.

(بريك – Break)

داليا تتحدث بلسان أنس… 

أهلًا، اسمي أنس، وبيدلعوني نوسي أو نوسو أو أنوسي أو كنكوسي، وعندي 5 سنين. دي ماما، أكتر حد بحبه وأكتر حد بيحبني. من وانا عندي سنة ونص ماما سنجل، رغم انها بتشتغل كتير جدًا علشان تصرف عليا، بتحاول دايمًا تقضي معايا وقت لطيف. أنا وماما عايشين مع جدو وتيتة وخالته. أنا بحب المية جدًا، وسبّاح ملوش حل، ماما شايفة اني كان المفروض أتولد بزعانف بدل رجلين. أنا ما بتكملش قوي بس بغني وبعمل ايقاعات طول الوقت. بحب أقلّب وألف الحاجات، وأحيانًا حوالين نفسي.

داليا: المعرفة هي أول طريق الحب، انتي علشان تحبي حد أول حاجة لازم تعرفيه، وبالتالي أنا حسيت انه أنا من واجبي كأم أن أنا أتحدث بلسان ابني عنه، وطالما انه هو مش قادر يتكلم ويقول عن الحاجات الكويسة اللي فيه زي كل الأطفال التانيين لما بيتسئلوا انت بتحب ايه او ايه اكلتك المفضلة أو ايه لعبتك المفضلة، هو ما بيقدرش يعبر عن دا لكن هو عنده دا. ففكرت اني أعمل برزنتيشن بتكلم فيها على لسانه، حتى كتبتها كأنه هو اللي بيتكلم، بحيث اني ادي فرصة للمدرسين بتوعه وللأمهات بتوع زمايله في الفصل انه هما يعرفوه كأنه طفل عادي بيقدم نفسه ليهم.

داليا تتحدث بلسان أنس من جديد….

أنا معنديش صحاب كتير علشان عندي مشكلة في التواصل مع الاطفال اللي في سني. بفضّل اني أعمل حاجات كتير لوحدي، ومش بتعامل معاهم غالبًا إلا لو معاهم حاجة أنا مهتم بيها. بس بمساعدة ناس لطيفة مهتمة بقدر إني أستمتع بوقتي وسط الأولاد التانيين. أنا زي الأطفال التانيين، عندي أوقات كويسة ووحشة، بس يمكن أوقاتي وحشة بتكون أصعب شوية، لأني مش بعرف أعبر كويس.

داليا: وضع أنس كان حقيقي جدًا جدًا لدرجة انه هو كشف حقايق تانية أنا مكنتش واخدة بالي منها أنا وأبوه، يعني أنا بعتبر انه وجود أنس تجربة مغربلة جدًا جدًا لكل المشاعر اللي أنا كنت أنا وأبوه نكنها لبعض، وكان فيها شوائب كتيرة قوي مغطية ع الحقيقة.

(رابحة بتلعب مع أنس وضحك)

داليا: أنا اتخطبت وانا عمري 21 سنة، واتجوزت وانا عندي حوالي 24-25 سنة يعني في السن دا، وهي كانت قصة حب عنيفة، كان زميلي في الكلية وحبينا بعض وبنينا بيتنا طوبة فوق طوبة، وهي تجربة أنا مش ندمانة عليها أبدًا رغم انها انتهت بالطلاق، لكن هي كانت تجربة حلوة في وقتها. أنا كان ولا زلت أكتر حاجة أقدرها جدًا جدًا في الحب الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة. يعني قبل ما نتخطب أنا وأبو أنس كنت بفكر دايمًا انه تبقى حاجة لطيفة جدًا ان حد يلقط كلمة من اللي انت بتقوليه وبعدها مثلا بشهر او شهرين يفتكرها ويقولك أنا افتكرتك لما قولتي كذا، دي بالنسبالي مثلا كانت سمة اهتمام وحب لطيفة جدًا. فكرة انه لما تكوني وسط مجموعة ناس وبتتكلمي في حاجة محدش مهتم بيها، تلاقي حد مهتم انه يسمعك، مهتم انه تكملي أكتر، مهتم انه يناقشك في اهتماماتك الغريبة أو في الحاجة الأغلب الناس مش مهتمين بيها. ففكرة التفاصيل الصغيرة دي أنا طول عمري تفرق معايا جدًا، ودي من الحاجات اللي أنا حبيتها جدًا جدًا في أبو أنس لأنه هو كان بيشوفنى وسط الزحمة.

نهى: بمجرد ما داليا خلفت ابنها أنس، بدأت تشعر ان قصة الحب اللي نشأت داخل أقسام كلية الطب… بدأت تتراجع شوية، وبدأ يحل محلها مشاعر سلبية كتير.

داليا: اللي حصل بعد الخلفة انه الحب بالنسبالي بقى ليه علاقة أكبر بتحمل المسؤولية، وليه علاقة أكبر بأنه الشخص مايحسسكيش طول الوقت ان انت درجة تانية. يعني انا كان دايمًا الشعور اللي بيجيلي إن أنا أم درجة تانية، زوجة درجة تانية، ست درجة تانية. فأنا بالنسبالي مثلاً كان مهم جدًا ان الشخص يدعمني قوي، يشيل معايا المسؤولية قوي. فأنا نوع الحب دا ملقتهوش، يعني ليه؟ لأنه هو كان بيدور على نوع حب تاني، هو كان بيدوّر على حد يعتبره هو الأولوية القصوى، هو الأساس. 

نهى: لكن مش بس ضغط الخلفة اللي خلى داليا تشوف حبيب أيام الجامعة بشكل مختلف، لأ، ظرف أنس الخاص جدًا كان له دور كبير في تحديد مسار قصة حبها.

داليا: أنسي تشخص بعد ما اتطلقنا الحقيقة لكن أنا لحد ما كنا متجوزين كنت بحارب على فكرة أنه في حاجة مش طبيعية، في حاجة غلط بتحصل. وباباه كان عنده انكار شديد جدًا للموضوع دا، وبالتالي من الحاجات اللي حالة أنس فتحت عيني عليها إن ازاي ممكن تكوني انتي وشريك حياتك مش بتتكلموا نفس اللغة.

(داليا تغني الأبجدية بالعربي)

داليا: لما داليا بتحس انها محتاجة حد يحتويها، يحضنها يطبطب عليها، يبوسها، أول حاجة بتلجأ ليها أنها تغني. أنا بحس ان في موسيقى كمان بسمعها، بالذات موسيقى مارسيل خليفة، بتطبطب عليا حرفيًا، يعني انا بحس انه في نغمات معينة في العود بيبقى ليها صوابع، بحسها على كتفي وبحسها على شعري وبحس انه المزيكا أحيانًا بتتحول لشخص قاعد جنبي بيطبطب عليا وبيخلي باله مني وبيقولي معلش، وبيقولي لأ، انت حلوة، سيبك منهم.

نهى: داليا شخصية متمردة بطبيعتها، متجاوزة لكل القوالب اللي المجتمع بيفرضها علينا وكمان بترفض تدفن رأسها في الرمل. أول ما حست ان علاقتها الزوجية غير مشبعة لها عاطفيًا، أنهتها، وأول ما حست ان دراستها للطب مش هي اللي هتخليها تحقق اللي هي عايزاه تركت المجال كله، واتجهت للعمل بالعلاقات العامة، وكمان أحيت هواية قديمة كانت عندها، وهي الغنا عشق الموسيقى 

(داليا تغني)

نهى: الهواية دي بالتحديد بتساعدها على مد جسور التواصل مع أنس.

داليا: أحياناً بكون بلعب حاجة ع البيانو وهو ييجي يهتم أوي ويبقى عاوز (ABC) وأحيانا ميفرقش معاه خالص، ملهاش قاعدة. بس هو عادة بيهتم بالآلات الموسيقية، كن مرة واحد صاحبي بيلعب كلارينيت قدامه، وهي آلة من أدوات النفخ، فهو أول مرة في حياته يشوف آلة نفخ. فهو كان قاعد مذهول جداً، بيدور على الحتة اللي طالع منها الصوت، بيعد يمسك الفتحة ويبص يشوف هو الصوت ده جاي منين. نفس الكلام على العود، انه في أوتار والأوتار دي بتطلع حاجة مختلفة. بالنسباله الآلات الموسيقية حاجة مغرية للاكتشاف. 

(عزف داليا وأنس) 

داليا: الحاجة الوحيدة اللي هو بيحب يعزفها على البيانو وبشدة انه يلعب النغمتين دول… بيحب العلاقة دي أوي في البيانو.

داليا: محمود درويش ليه جملة أنا بحبها قوي، بيقول “كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة، وجدنا غريبين معا”.. الجملة دي أنا بحبها قوي لأنه أنا طول عمري كان عندي التخوف دا عليا أنا شخصيًا، ان أنا إنسانة غريبة الاهتمامات جدًا جدًا، وأولوياتي في الحب وفي الحياة وفي الاختيارات الغير معتادة ممكن تخلي في صعوبة شديدة إني ألاقي حد يولف معايا، زي ما بيقولوا يعني، أنه يبقى على نفس الموجة.

 فالغريبة ان انا لقيت دا ولما بفكر في أنس وبفكر انه هو التحدي بالنسباله حيبقى أكبر بفكر طب انا ليه ما اشوفش أنه على قدر أهل العزم تؤتى العزائم، يمكن هو على قد التحدي اللي عنده، على قد الجايزة اللي هياخدها في الآخر أنه هو فعلًا يلاقي حد متقبله زي ما كان، أنه هو أهم حاجة في الحب القبول والاحترام.

شهد: هذه الحلقة من “بحب” من إعداد نهى الحناوي، التصميم الصوتي والتأليف الموسيقي لمصمم الصوت محمد خريزات. شكر كبير لكل طاقم الفريق للدعم التحريري، دانا بالوط، هبة فيشر، شهد الطخيم، نادين شاكر، مديرة الإنتاج هبة عفيفي وأنا شهد بني عودة مضيفة ومحررة البرنامج.

برنامج بحب من إنتاج شبكة كيرنينج كلتشرز، وثائقياتٌ صوتية من أنحاء الشرق الأوسط تنطلق من الحب بكل أنواعه. 

طلب صغير لكل مستمعينا، إذا حبيتو الحلقة شاركونا تقييمكم واتركوا لنا رأيكم. التقييم والرأي بيساهم كتير في إن الناس تلاقينا على منصات بودكاست أكتر. وإذا حبيتو الحلقة شاركوها من أصحابكم، خصوصاً الأصدقاء اللي لسه ما اكتشفوا عالم البودكاست. احكوا لهم عن عالم التدوين الصوتي وعن القصص المتنوعة وعن المحتوى اللي ممكن يلاقوه في هاي المنصات. شكراً للاستماع وإلى اللقاء في حلقة جديدة من برنامج بحب. 

(تمت – إعلان)